أرسنال - أستون فيلا: كيف نجح أرتيتا في تجاوز عقبة إيمري؟
تحليل شامل لمباراة أرسنال وأستون فيلا في منافسات الجولة الثانية للدوري الإنجليزي 2024/2025، ومناظرة تكتيكية بين أفكار أرتيتا خلال حيازة الكرة بين مباراتي وولفز وأستون فيلا
في بداية الأمر لا بد من الإشارة لتاريخ المواجهات بين أرتيتا وأوناي إيمري، فقد كانت بداية المواجهات بين المدربين في الدور نصف النهائي من الدوري الأوروبي موسم 20/21 بين أرسنال وفياريال، وعندها استطاع إيمري الإنتصار على أرتيتا ذهابا في معقل الغواصات الصفراء ملعب “لا سيراميكا“ بثنائية مقابل هدف، بعدها تعادلا في ملعب الإمارات بلا أهداف ليقتنص فياريال بطاقة العبور للدور النهائي ويظفر إيمري باللقب الرابع له بعد الثلاثية التاريخية مع إشبيلية في الفترة من موسم 13/14 حتى موسم 15/16، وذلك بعد الإنتصار على مانشستر يونايتد بضربات الجزاء بعد تعادل إيجابي بهدف لكلا الفريقين طوال الوقتين الأصلي والإضافي.
مع الأخد في الحسبان المباراة الأخيرة، فقد تواجه المدربان في الدوري الإنجليزي 6 مرات، انتصر أرتيتا في مباراتين واحدة منها هي المباراة الأخيرة، مقابل 3 إنتصارات لإيمري على رأس قيادة أستون فيلا منها إنتصار أخير بهدف جون مكجين في الموسم الماضي صعب به مهمة أرسنال في الفوز بلقب الدوري، إلى جانب مباراة واحدة كان التعادل نتيجة المباراة.
صراع تكتيكي من الطراز الرفيع
دائما ما تكون المباريات بين أرتيتا وإيمري أشبه بمنافسة على رقعة الشطرنج وليس على أرضية الملعب، بالتالي فهي تعد درسا تكتيكيا ممتعا لمشاهدي كرة القدم حول العالم، وبالتحديد في كيفية تنظيم إيمري لخطوط فريقه ومنعه قدر الإمكان للإختراقات من الأطراف، والمحافظة على وضعية الدفاع المتوسط، في مقابل محاولة أرتيتا المتكررة لكسر التكتلات الدفاعية في وسط الملعب والوصول للأطراف، حيث يمتلك أرسنال بطبيعة الحال أجنحة مميزة وفعالة على المرمى من الأفضل في الدوري الإنجليزي، وبالتاكيد المقصود بالحديث هنا هما ساكا ومارتينيللي.
كانت تنتظر أرسنال مهمة صعبة جدا بالمقارنة بالمباراة السابقة أمام ولفز، والتي استهل بها مشوار المنافسة على لقب الدوري بانتصار على ملعب الإمارات بهدفي هافرتز و ساكا، نفس النتيجة التي أنهى بها مباراة الفيلا خارج الأرض على أرضية ملعب الفيلا بارك، ولكن ما الذي تغير بين المباراتين على مستوى أفكار أرتيتا؟ وكيف تفاعل مع محاولة أستون فيلا للدفاع المتوسط ومن ثم التحول العكسي للهجوم؟
بناء اللعب والخروج من الضغط العالي
بدأ أرسنال مباراة ولفز بتشكيله المتوقع (4-3-3) برباعي في خط الدفاعي هم قلبي الدفاع صليبا وجابرييل والظهيرين وايت وزينشينكو، أمامهم توماس بارتي كوسط ملعب دفاعي في المركز رقم 6، رايس وأوديجارد كوسط ملعب هجوميين في المركز رقم 8، ساكا ومارتينللي جناحين خلف مهاجم وحيد هو كاي هافرتز.
في حالة الحيازة أثناء محاولة بناء اللعب والخروج بالكرة من الخلف كما هو موضح في الرسم التكتيكي أدناه نلاحظ بعض التعديلات في تمركزات اللاعبين، حيث يقوم قلبي الدفاع بالتواجد على عرض منطقة الجزاء، بجانب تواجد الأظهرة بمحاذاة خط التماس من الجهتين، يقابلهم تقدم لارسن مهاجم ولفز للضغط على حامل الكرة من الحارس وقلبي الدفاع، بينما تكون مهمة أجنحة ولفز هي الدفاع عن المساحة على طرفي الملعب، ومنع الأظهرة من الاستلام والتقدم بالكرة باتجاه نصف الملعب الهجومي.
تواجد توماس بارتي بين خطوط ضغط ولفز مهم جدا للمساعدة في الخروج بالكرة وتوجيه الكرة نحو أحد الطرفين؛ وقد تفطن مدرب ولفز جاري أونيل لذلك جيدا، فكلف بيليجراد برقابة بارتي رجلا لرجل، وفي حال قام رايس أو أوديجارد بالرجوع للثلث الأول لمحاولة الخروج بالكرة من تحت الضغط، سيقوم جوميز ولامينا بالتقدم معهم، الجناحان مراقبان من الظهيرين يمنع كلا منها الاخر من التقدم: أظهرة ولفز تمنع أجنحة أرسنال من التقدم لاختراق الأطراف، وأجنحة أرسنال تحافظ على وجود أظهرة ولفز خلف خط منتصف الملعب، بالتالي تساهم في توفير زيادة عددية على الأطراف عند بناء اللعب، وتقطع الإمدادات من الخلف عن أجنحة ولفز لتسهيل الخروج بالكرة من الأطراف.


من أول محاولة لبناء اللعب نلاحظ ما قمنا بوصفه سابقا، يبدأ ولفز بالضغط برأس الحربة خلفه 3 لاعبين تتنوع مرجعياتهم للدفاع بين حماية المساحة على الأطراف، والرقابة رجلا لرجل في وسط الملعب. ينضم حارس المرمى رايا للخط الخلفي الذي يقع على عاتقه مهمة نقل الكرة بين اليمين واليسار في محاولة لتحريك لاعبي ولفز ودفعهم لكسر مرجعياتهم الدفاعية والتقدم للضغط، وبالتالي تتواجد المساحة الكافية للخروج بالكرة بأريحية على الأطراف.
في بداية الأمر واجه لاعبو أرسنال صعوبة في التدرج بالكرة من الأطراف، ولكن تغييرا بسيطا كان له أثر السحر في تغيير هذا الوضع، حيث تحرك زينشينكو لداخل الملعب قليلا ليتغير مركزه ليصبح وسط ملعب دفاعي بجانب بارتي، وعاد مارتينللي ليشغل المساحة بمحاذاة خط التماس، ومع وجود رايس في الخلف ما يعني عدم قدرة جوميز على التقدم للضغط على زينشينكو، حينها يكون هوانغ في حيرة هل يستمر في الدفاع عن المساحة، أم يتحرك لرقابة مارتينللي أو زينشينكو رجلا لرجل، ومع تقدم بارتي لاستلام الكرة من قلبي الدفاع فإن ذلك يعني وقتا أكبر لزينشينكو بالتحرك عرضيا بين الخطوط، و أيضا محاولة إيجاد المساحة لاستلام التمريرة من الخط الخلفي ومن ثم الدوران والتقدم للأمام.
على الجهة اليمنى وعطفا على تواجد ساكا في نصف الملعب الهجومي مانعا لريان أيت نوري من التقدم للضغط على الظهير وايت، ومع استمرار تدوير الكرة بين الخط الخلفي بعرض الملعب بهدف توسيع المسافة بين بيليجراد والأجنحة، ما يعني مجهودا أكبر في ملاحقة الكرة بجانب إنقطاع الدعم من الخلف خوفا من تواجد ساكا في مساحة مناسبة للتقدم نحو المرمى، ما يتنج عنه أن وايت يصبح في موقف مناسب ومساحة زمنية ومكانية كافية للتحرك خلف جوميز الذي يستمر في ملاحقة الكرة بينما يحمل وايت الكرة ويتقدم للأمام.


من خلال الخريطة الحرارية أدناه، نجد أن أكثر تمريرات أرسنال في الثلث الأوسط من الملعب تحديدا النصف الدفاعي من ثلث الملعب الأوسط، ما يعني تمريرات أكثر بين قلبي الدفاع تحديدا و وسط الملعب إما في محاولة التقدم للثلث الأخير، أو محاولة التمرير للخلف أثناء بناء الملعب للخروج عبر أحد طرفي الملعب، وهو ما يبدو واضحا باللون الأصفر في نصف الملعب الهجومي، ما يعني بشكل أو باخر أن أرسنال لم يواجه مشكلة في أغلب المحاولات للخروج بالكرة من الخلف والتدرج نحو وسط الملعب.
في مباراة أستون فيلا، بدأ أرسنال المباراة بنفس التشكيل بتعديل وحيد وهو الدفع بيوريان تيمبر بدلا من زينشينكو في مركز الظهير الأيسر، دون اختلاف في الأدوار المنوطة به في الملعب. على صعيد المنافس، فبدا ظاهرا أن أستون فيلا لم يكن يبدي أهمية كبيرة في الضغط بحدة في الثلث الأول من الملعب، ولكن ذلك كان دون التخلي عن الشكل الدفاعي الخاص به ومحاولة العودة بحذر وتأني، و من ثم سحب أرسنال للمرحلة الذي يجيد إيمري لعب المباراة من خلالها، وهي مرحلة الدفاع المتوسط أمام تدرج أرسنال بالكرة نحو الثلث الأخير.


على كل حال، كان أستون فيلا متوزعا بامتداد عرض الملعب بشكل يضمن من خلالة توزيع الخطوط الحفاظ على وسط الملعب مغلقا أمام لاعبي أرسنال بجانب الدفاع على الأطراف مع تضييق المسافات بين الخطوط، حيث يتحول الرسم التكتيكي (4-4-2) الذي بدأ به أستون فيلا المباراة إلى ما يشبه (4-3-3) بتقدم بايلي للخط الأول على الطرف الأيمن لأستون فيلا لإغلاق المساحة على الطرف أمام إمكانية تقدم تيمبر، ويقوم مكجين بالإنضمام إلى الخط الثاني على الطرف الأيسر للسبب ذاته وهو إغلاق المساحة أمام وايت. مهمة واتكينز وروجرز لم تكن الضغط على الخط الأول بقدر منع تقدم توماس بارتي وأوديجارد للاستلام في المساحات بين الخطوط، مع الرقابة التقليدية لقلبي الدفاع لهافرتز، وأظهرة أستون فيلا لأجنحة أرسنال.
عند النظر للخريطة الحرارية وقياسا على المباراة السابقة، يبدو أن أوناي إيمري نجح أن يسحب المباراة لمرحلته المفضلة؛ حدة أقل للتمرير في الثلث الأول من الملعب وبالتحديد على الأطراف، وأيضا بداية التمرير لمحاولة بناء اللعب والتدرج غالبا من تكون أمام منطقة الجزاء، مع الاعتماد على التقدم نحو الوسط بدلا من إختراق الأطراف، ولو أن الخريطة تظهر زيادة في التمريرات الموجهة إلى الطرف الأيمن لأرسنال باتجاه ساكا مقارنة بتلك الموجهة للطرف الأيسر نحو مارتينللي، ولكن بحدة أقل كثيرا مقارنة بالمباراة السابقة.
التدرج بالكرة نحو وسط الملعب
أمام ولفز، واستمرارا في تفاعل أرسنال مع الضغط المطبق عليه، كان ثلاثي الدفاع مستمرا في تدوير الكرة في محاولة إيجاد المساحات أو الرجل الحر القادم من وسط الملعب، بجانب دخول زينشينكو واستمراره كوسط ملعب دفاعي، وعودة أوديجارد نحو وسط الملعب كخيار تمرير متاح بين خطوط ولفز، بجانب تواجد ساكا ومارتينيلي على طرفي الملعب بمقربة من الوسط.


من خلال خريطة التمرير لأرسنال خلال المباراة، وكوصف لطريقة أرسنال أثناء حيازة الكرة نلاحظ بعض الملامح لأفكار أرتيتا:
تقدم ثلاثي الدفاع (جابرييل - صليبا - وايت) حتى دائرة منتصف الملعب وتبادل التمريرات بشكل كبير بين قلبي الدفاع
دخول الظهير الأيسر (زينشينكو) لداخل الملعب بدلا من التواجد بعرض الملعب ليكون له أدوار وسط الملعب الدفاعي
توماس بارتي هو نقطة الربط بين خطوط أرسنال، ورايس خلال المباراة كان أقرب للطرف مقارنة بأوديجارد الذي كان يؤدي مهام صانع الألعاب ما يعني تواجده في المنتصف أكثر من الطرف
على الرغم من ذلك ومقارنة بمباراة وولفز، فإن المباراة أمام أستون فيلا لم تكن نزهة سهلة أبدا، خصوصا في مرحلة التقدم نحو الثلث الأخير والتي يعتبر إيمري من أساتذة الدفاع أمامها عبر الكتلة المتوسطة، حيث استمر التكتل في وسط الملعب بحيث تتقارب الخطوط وتضيق المسافة العمودية بين الأظهرة والأجنحة، ما يعني مساحات ضيقة جدا ورقابة لصيقة بين الخطوط، وهنا تأتي أهمية دور رايس و أوديجارد في العودة لوسط الملعب في محاولة توفير خيار للتمرير، بجانب رجوع بارتي للخلف قليلا في المسافة بين قلبي الدفاع صليبيا و جابرييل، محاولا استغلال قدرته على التمرير الطولي وإيصال الكرة مباشرة نحو الأطراف مع إغلاق الخط الأول لدفاع أستون فيلا جميع خيارات التمرير بين الخطوط.
مع مرور الدقائق يتضح بشكل أكبر التتظيم الدفاعي لأستون فيلا: بايلي و روجرز و واتكينز في الخط الأول بميل أكثر للجانب الأيسر لأرسنال عندما تصل الكرة باتجاه جابرييل وعندها يتحرك بايلي للضغط، بنفس الوصف تماما يكون الخط الثاني بوجود تيليمانس و أونانا لرقابة أوديجارد ورايس القادمين للتمركز بين الخطوط، وعلى الجانب الأيمن لأرسنال يوجد مكجين مستعدا للتقدم والضغط عند وصول الكرة لوايت. الخط الخلفي كما هو بمراقبة الأظهرة للأجنحة، وقلبي الدفاع لهافرتز.
انتشار لاعبي أرسنال بين الخطوط وتوزيعهم على الممرات الخمسة بوجود مارتينللي وساكا في الممرات الخارجية، رايس وهافرتز أحيانا في أنصاف المساحات، بجانب وجود أوديجارد في الممر المركزي ومع استمرار تدوير الكرة في وسط الملعب في نهاية الأمرسيؤدي إلى توسيع المسافات بين الخطوط ما سيسهم في إيجاد حلول عبر الكرات الطويلة إن لم يكن عبر التمريرات القصيرة، وهو ما حدث بالفعل في إحدى الحالات؛ حيث بناء على تواجد رايس في أنصاف المساحات و وجود مارتينللي على الطرف، سينتج عن استمرار التمرير وتدوير الكرة مساحة واسعة بين كوستا الظهير وكونسا قلب الدفاع يكون رايس قادرا على التقدم فيها واستلام التمريرة في المساحة ومن ثم إرسال الكرة العرضية.



في ضوء ما سبق ذكره، تؤكد خريطة التمريرعودة هافرتز للتواجد بين الخطوط، بجانب اقتراب ديكلان رايس من أنصاف المساحات ودخول مارتينللي للعمق قليلا مقارنة بساكا الذي يتلقى المساندة من وايت وأوديجارد، مع تمريرات أكثر بين قلبي الدفاع في محاولة لإيجاد الخيار المناسب للتمرير.
الثلث الأخير
عند وصول الكرة للثلث الأخير أمام وولفز، يقوم لاعبو وولفز بالترحيل بنفس الشكل الدفاعي للخلف قليلا باتجاه نصف الملعب الدفاعي، مع استمرار ملاحقة لارسن للكرة في الخط الخلفي لأرسنال الذي يستمر في تدوير الكرة بحثا عن خيار مناسب للتمرير على الأطراف، ورقابة بيليجراد لتوماس بارتي لمحاولة قطع التواصل بين خطوط أرسنال. على صعيد لاعبي أرسنال فإنه في بعض الأوقات كان يتعين على رايس وأوديجارد تحديدا محاولة العودة لاستلام الكرة بين الخطوط، بجانب هافرتز الذي كان يقوم بالشيء ذاته لتفريغ المساحة بين قلبي الدفاع في حال وصلت الكرة للأطراف، ليكون قادرا على الركض للأمام نحو المرمى والتسديد. ولكن كيف كانت الكرة تصل إلى الأطراف؟
مع استمرار تمرير الكرة بين الخط الخلفي وما يرافقه من ترحيل لخطوط وولفز يمينا ويسارا مع الكرة بالتأكيد ستظهر مساحات على الأطراف، هنا تظهر أهمية استغلال جودة لاعبي الخط الخلفي في التمرير الطولي على الأطراف باتجاه الأجنحة، ومع وجود أجنحة أرسنال ساكا ومارتينللي بمحاذاة خط التماس على أقصى اتساع للملعب فهذا يوفر لهم موقفا مناسبا و متكافئا من الناحية العددية إما للمراوغة والاختراق من الأطراف، أو لعب الكرة المقوسة لداخل منطقة الجزاء، كما حدث مع هدف هافرتز الأول الذي كان نتيجة لعرضية مقوسة من ساكا لداخل منطقة الجزاء استقبلها هافرتز وحولها برأسه في المرمى.



عند وصول الكرة على الأطراف تحدث بعض التغيرات الدفاعية والهجومية في تمركزات لاعبي أرسنال يمكن الإشارة إليها حسب ما يبدو في الصورة أدناه، حيث بداية يتحرك الجناح المعاكس (ساكا في الصورة) لداخل منطقة الجزاء، ويتحرك هافرتز في المسافة بين قلبي الدفاع، وبجانب تواجه رايس وأوديجارد على أطراف منطقة الجزاء بالشكل الذي يسمح لهم بالرقابة الوقائية لجوميز ولامينا في حال حدث تحول هجومي لوولفز، وفي الوقت ذاته متابعة الكرة حال قام الجناح بلعب الكرة الأرضية إلى الخلف بدلا من الكرة العرضية باتجاه منطقة الجزاء. بارتي و وايت وزينشينكو مهمتهم هي الرقابة الوقائية أمام أجنحة وولفز وبيليجراد متوسط الملعب الهجومي.
عند النظر إلى خريطة التمريرات التي دخلت إلى منطقة الجزاء، نلاحظ تركيزا للتمريرات العمودية المرسلة من نصف المساحة الأيسر نحو منطقة الجزاء، والتي كان أغلبها تمريرات من رايس نحو مارتينللي، حيث أثبتت التمريرات العمودية تأثيرا أكبرا(على الصعيد العددي) للوصول لمنطقة الجزاء مقارنة بالتمريرات العرضية التي كان يعترض معظمها باستثناء عدد قليل جدا من الكرات نتج عن أحدها هدف أرسنال الأول برأسية هافرتز.
أمام أستون فيلا كانت المباراة أصعب بشكل كبير على الأطراف التي اعتاد أرسنال على التوغل من خلالها، حيث تفطن إيمري لقدرات مارتينللي وساكا على المراوغة والاختراق من الأطراف، بالتالي أوعز إلى مكجين وبايلي بالتحديد بعض التعليمات للعودة للخلف عند وصول الكرة للأطراف لتوفير الزيادة العددية بلاعب وسط وظهير من أستون فيلا أمام جناح أرسنال. باو توريس كان يتقدم للأمام قليلا لإجبار هافرتز على الابتعاد عن حدود منطقة الجزاء، بجانب رقابة تيلميانس وأونانا لرايس وأوديجارد، والعودة للخط الخلفي في المساحة بين الظهير وقلب الدفاع بالتالي إغلاق الخط الخلفي تماما أمام توغلات لاعبي أرسنال.
لمواجهة الخط الأمامي من لاعبي أستون فيلا (واتكينز - روجرز - بايلي) كان يلزم في بعض الأحيان عودة لاعب رابع (تيمبر/ بارتي) للخط الخلفي لأرسنال لتوفير الزيادة العددية والحفاظ على عملية تدوير الكرة قدر الامكان، بجانب إعطاء المساحة اللازمة لأحد اللاعبين إما رايس أو أوديجارد للتواجد بين الخطوط ومحاولة توفير خيار للتمرير والتقدم.
حسب الخريطة التي توضح أماكن نهاية التمريرات لفريق أرسنال، نجد أن قوس دائرة منتصف الملعب الذي يقع في نصف ملعب أرسنال الدفاعي هي أكثر منطقة وصلت إليها تمريرات اللاعبين، يليها الطرف الأيمن الذي يتفوق بفارق الضعف على الجانب الأيسر، ما يعني تركيز أرسنال على الاختراق من الجهة اليمنى عبر التمريرات القصيرة، والاعتماد على تغيير الملعب عبر التمريرات الطويلة للوصول إلى الجناح الأيمن سواء كان مارتينللي أو تروسارد.
في الشوط الأول من المباراة لم يكن لوايت وتيمبر دور كبير في المساندة على الأطراف أثناء الهجوم، حيث بجانب التمرير إلى الأطراف في الثلث الأخير كانت مهمة الظهيرين هي الدفاع الوقائي أمام مكجين وبايلي عند فقدان الكرة عند منطقة الجزاء، حيث نجد في هذه الصورة تيمبر متحركا لداخل الملعب في أنصاف المساحات، وبأمامه بايلي.
انتشار لاعبي أرسنال في الممرات الخمس بوجود ساكا ومارتينللي في الممرات الخارجية، أوديجارد ورايس في أنصاف المساحات، وهافرتز بين قلبي الدفاع؛ كل ذلك لم يكن كافيا للوصول للمرمى أمام تواجد 7 لاعبين من أستون فيلا للدفاع في الخط الخلفي بعودة تيليمانس وأونانا في المسافات بين قلب الدفاع والظهير، بجانب دفاع مكجين على الطرف الأيمن جنبا إلى جنب مع لوكاس دين. الخوف من التحولات السريعة لواتكينز وروجرز كان يفقد أرسنال مشاركة لاعبين إضافيين في الدعم الهجومي وهما تيمبر و وايت.


على الأطراف لم تكن الأمور أكثر رومانسية بالنسبة لساكا ومارتينللي: وجود لاعبين على الأطراف كان دوما يشكل مشكلة كبيرة كان على أرتيتا العمل لحلها، حيث لم يكن باستطاعة الأجنحة إرسال الكرات العرضية في أغلب أوقات المباراة، ولكن تعديلا قام به أرتيتا في الشوط الثاني ساهم في إنهاء هذه المشكلة وحلها.


بتخلي وايت عن أدواره في الرقابة الوقائية عبر إسنادها إلى صليبا، وتقدمه كظهير مقابل تواجد ساكا وأوديجارد في أنصاف المساحات، أصبح التفوق التقني لأرسنال على الأطراف تحديدا الطرف الأيمن بوجود لاعبين قادرين على إرسال الكرات العرضية، جنبا إلى جنب مع القدرة على التحرك للأمام للاستلام والتوغل في أنصاف المساحات.


نقطة التحول في المباراة: تروسارد بديلًا
بداية من الدقيقة 65 وبعد دقيقتين فقط من نزوله من على دكة البدلاء، كان تروسارد على موعد سعيد مع مشجعي أرسنال بتسجيله لهدف من تحرك نموذجي قام به؛ لم يتغير شيء بالمناسبة في تعليمات أرتيتا للأجنحة، ولكن الفرق كان في جودة اللاعب، وهو ما يمتلكه تروسارد دون أدنى شك رغم عدم لعبه عددا كافيا من الدقائق واستمرار الدفع به كبديل بدلا من البداية منذ الدقيقة الأولى.
في الصور أدناه (على الترتيب من اليسار إلى اليمين) وبعد كرة مرسلة من توماس بارتي من الوسط إلى الأطراف نحو ساكا، نلاحظ في الصورة أدناه تواجد وايت في أنصاف المساحات وعودة أوديجارد للخلف قليلا. وجود وايت في هذا المكان تحديدا ساهم في منع تيليمانس ورامسي من التواجد في المساحة التي أوجدها تمركز وايت بالتالي يرسل أوديجارد تمريرة كاسرة للخطوط لساكا المنطلق للأمام الذي يرسل تمريرة من الطرف لوسط المنطقة حيث تجهز لها تروسارد وتنبه لها منذ البداية، حيث رفع يديه مطالبا بالتمرير وتحرك للداخل في المساحة الفارغة ليسدد الكرة في الاتجاه التي تحرك فيه (من الخلف لليمين) معلنا أخيرا الهدف الأول لأرسنال.



أما في الهدف الثاني، يقوم تروسارد مرة أخرى بما يجب على الجناح فعله، وهو الركض في المساحة الخالية خلف الظهير لاستلام التمريرة المرسلة من الخلف للأمام، ومن ثم يحاول لعب الكرة بعرض الملعب بحثا عن قدم أي من لاعبي أرسنال للتسديد في المرمى، ولكنها تصل للجهة الأخرى بين أقدام ساكا الذي يتواجد في موقف مناسب لإعادة الكرة مرة أخرى كما في الهدف الأول، ولكن دعونا نعد للحظة إلى مباراة وولفز لمرة أخيرة.



توماس بارتي: القادمون من الخلف
بالعودة إلى مباراة وولفز وبالتحديد في الدقيقة السابعة والخمسين؛ تحول هجومي لأرسنال على الجهة اليسرى وتقدم لرايس الذي يركض بالكرة بانتظار مارتينللي الذي يستلم الكرة ويرسلها إلى زينشنكو المتقدم في موقف يسمح له بإرسال التمريرة من الطرف لوسط المنطقة.
تصل كرة زينشينكو إلى توماس بارتي الذي انتظرها على قوس منطقة الجزاء، ليسدد تسديدة زاحفة ولكنها مرت بجوار العارضة وضاعت مع الأسف فرصة تسجيل الهدف الثاني من جملة تكتيكية رائعة.
بالعودة مرة أخرى لمباراة أستون فيلا وللهجمة التي قطعنا حديثنا عندها سابقا، نجد الجملة ذاتها تتكرر بحذافيرها مع اختلاف اللاعب الذي سيرسل التمريرة: ساكا ينتظر قليلا في محاولة لإيجاد اللاعب المناسب كخيار للتمرير، فيلاحظ وجود توماس بارتي على قوس منطقة الجزاء في المكان ذاته. يمرر ساكا الكرة لبارتي، ولكن هذه المرة بارتي لم يخطأ الهدف، ليعلن في خلال 12 دقيقة من نزول البديل السحري تروسارد تقدم المدفعجية بثنائية نظيفة، وعودة الأمور لنصابها الطبيعي.
